الأحد، 2 سبتمبر 2012

أنا مش علماني، أنا كافر و الحمد لله!ـ

كتبت في Friday, October 14, 2011  ·

بسم الله الرحمن الرحيم


لم يتعرض مصطلح للكثير من اللغط والخلاف على معناه كما تعرضت "العلمانية"ـ وكما هو الحال في أي أيديولوجية أو فهم بشري لفكرة أو عقيدة ما، فهناك دائماً

طيف من الآراء، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.ـ

هناك قاعدة منطقية عقلانية أقرها الشرع الإسلامي و هي: «الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره» ولها دليل من القرآن الكريم هو قوله تعالى:ـ
(ولا تقف ما ليس لك به علم)
بمعنى:ـ
أن الأمر الذي لا تعلمه ولا تتصوره ولا تكون على بينه منه؛ فإياك أن تتكلم فيه وهي قاعدة مقررة عقلاً و منطقاً، نستخدمها جميعنا في حياته اليومية، في البيت و  العمل و مع أصدقائنا

بالبلدي يعني: ماينفعش تقول رأيك في أي موضوع إلا لما تاخد فكرة عنه الأول

لو سألت أي واحد فيكم إيه رأيه في القرآنيين أو الآشاعرة أو جماعة شهود يهوه  أو السبتيين، أو حتى طريقة مونتيسوري في تعليم الأطفال لن تستطيع الحكم على أي منها قبل معرفتها جيداً،، وكلما إزدادت معرفتك بهذا الشئ،  زادت قدرتك على الحكم عليه بطريقة صحيحة -من وجهة نظرك بالطبع!ـ

طيب، ما الحال بالنسبة للعلمانية؟
الأول نعرف ما هو تعريف العلمانية؟
ويؤسفني القول أنه لن تجد إتفاقاً على تعريف واضح للعلمانية، حتى بين العلمانيين  أنفسهم! كما هو الحال في الليبرالية!ـ

لو عايزين تعريف من القواميس ، ممكن نلاقي
indifference to or rejection or exclusion of religion and religious considerations
أو
a system of political or social philosophy that rejects all forms of religious faith and worship.
أو
the view that public education and other matters of civil policy should be conducted without the introduction of a religious element.
أو
the attitude that religion should have no place in civil affairs
وعند الفلاسفة، سنجد هذا التعريف
a doctrine that rejects religion, esp in ethics

وبالعربي:العلمانية تعني اصطلاحاً فصل الدين والمعتقدات الدينية عن السياسة أو إدارة شئون البلاد

وعرّفها "جون هوليوك"  بأنها: " الإيمان بإمكانية إصلاح حال الإنسان من خلال الطرق المادية، دون التصدي لقضية الإيمان بالقبول أو الرفض

وتعريف آخر:ـ
فصل المؤسسات الدينية ( الكنيسة ) عن المؤسسات السياسية ( الدولة )ـ


وهذا ما جعل فيلسوف بحجم الدكتور المسيري رحمة الله عليه يضع كتاباً من جزئين  ـ(كان له جزء ثالث، ولكنه مات قبل كتابته) عن تعريف العلمانية
 وملخصه هو أنه هناك نوعين أساسين من العلمانية

علمانية جزئية و شاملة
العلمانية الجزئية "تفصل" الدين عن شئون إدارة الدولة (سياسياً و إقتصادياً و تنظيمياً)ـ  ولكنها لا تأخذ موقف معاد للدين فيما دون ذلك كممارسة الشعائر و الحياة الشخصية  والقوانين المنظمة للأسرة

العلمانية الشاملة: تأخذ موقف معارض لأي مرجعية دينية أو مظهر ديني، حتى في  شئون الحياة الشخصية..

والخلاصة أن العلمانية إصطلاحاً ترفض أي "مرجعية متجاوزة"ـ  والمرجعيات المتجاوزة، هي المرجعية التي لا تنبع من الإنسان، بل تتجاوزه سواء  للسماء (دين) أو قيم متوارثة تتجاوز النقد!ـ

يعني بالبلدي، العلمانية ماعندهاش حاجه غير قابلة للنقد والرفض، مش بس الدين، العلمانية الشاملة بترفض المنظومة الأخلاقية إذا كانت ستعطل أو تعوق الحياة المادية.ـ فهي لا تتعترف بأي عالم "متجاوز" للحياة المادية المنظورة، وبالتالي لا معنى للدين
 أو حتى مكارم الأخلاق التي لا منفعة مادية حياتية من ورائها!ـ

أما العلمانية كتعريف فهي مشتقة من العالم و ليس العلم والمقصود بالعالم هنا، العالم المادي، لتمييزه عن العالم الروحي الكنسي
فلا يمكن فصل ظروف نشأة العلمانية عن محاولة فهمها، العلمانية نشأت في أوروبا  رداً على توحش الكنيسة في مواجهة المخالفين لها في شئون الحياة، فالبابا في  المسيحية له سلطة روحية على المسيحيين، بمعنى أنه يتكلم بإسم السماء، وهو معصوم  فلا يمكن أن يعتذر لأنه لا يخطئ

وبالتالي رفض العلماء و العقلانيون هذا التصور، وما نتج عنه من تحجيم لأي فكر يختلف مع آراء الكنيسة، فنشأت العلمانية نسبة للعالم الأرضي المادي في مقابل هذا العالم الروحي السماوي

ونسمع هذا الوصف كثيراً في المسيحية، مسيحي علماني يعني لا ينتمي للكهنوت  الكنسي (يعني ليس قسيس أو راهب أو خادم ،، الخ)ـ

إذاً، فظروف نشأة العلمانية، هي ظروف خاصة بأوروبا المسيحية و طريقة تعامل  الكنيسة مع شئون الحياة، لاحظوا أن محاكم التفتيش هي إختراع كنسي،ـ

وفي المقابل لم يحدث في التاريخ الإسلامي صدام حقيقي بين السلطة الدينية (إن صح التعبير) و العلماء أو المفكرون..كان هناك خلاف بين السلطة السياسية و  باقي أفراد المجتمع الإسلامي لكن القارئ الأمين للتاريخ الإسلامي سيجد أن نظام الحكم في الدولة الإسلامية لم  يكن "دينياً" بالمعنى الفهوم، فحكام الدولة الإسلامية لم يكونوا فقهاء أو محدّثين أو  من حفظة القرآن،،

لاحظ عزيزي القارئ أنه بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يتولى الحكم فقيه كعبد الله بن عباس أو عبد الله بن عمر
أو أحد من كتبة الوحي كزيد بن ثابت، أو حتى أحد من رواة الحديث كأبو هريرة،، فالدولة الإسلامية لم تكن دينية منذ البداية!ـ

بالعكس لقد لاقى الكثير من علماء الأمة من التعذيب على يد  رجال الدولة ما يعرفه قارئ التاريخ تعذيب الأئمة إبن تيمية و إبن حنبل لمجرد خلافات مع السلطة السياسية

في حين لم نسمع عن حرق إبن الهيثم أو الرازي أو حتى إبن رشد،، الخلاف الذي حدث  مع إبن رشد ، كان على مستويين، مستوى ديني راقي، قام فيه ابو حامد الغزالي  في الرد عليه بكتابات،، ومستوى سياسي بحت حدث فيه حرق لكتب إبن رشد

المهم، أنه لا يستقيم عقلاً تطبيق تجربة في مجتمع ما لمجرد أنها نجحت!، لابد من  دراسة ظروف نشأتها و أسباب نجاحها!ـ

مثال قد يبدو ساذجاً:ـ
لو واحد ذكي و مجتهد دراسياً، ولكنه عايش في بيت ، الأب سكران طول النهار،  والأم بتبيع شرفها عشان تجيب فلوس، والبيت كله خناقات و ضرب و فلوس حرام،،  لو هذا الإنسان هرب من البيت، وراح يعيش لوحده في بيت تاني و بلد تانية،  هينجح و يبقى حاجه كويسه،،، هل معنى ذلك إن أي واحد لو ساب بيت أهله  هينجح؟؟

ما فعله هذا الشخص كان ضرورة منطقية و نتيجة حتمية لمقدمات حدثت في حياته،،ـ  ونشوء العلمانية في أوروبا كان أيضاً ضرورة و حتمية للطريقة التي تعاملت بها   الكنيسة مع المخالفين لها

هل هناك في الإسلام ما يسوغ هذه الضرورة؟؟

لن أجيب على هذا السؤال الآن، ولكن سأقوم بطرح عدة نقاط، تبين إشكالية العلمانية  مع الإسلام

في الواقع، العلمانية عندها مشكلة مع الإسلام و اليهودية، مشكلتها مع المسيحية أقل!ـ فإذا كانت العلمانية ترفض أي مرجعية متجاوزة كما قيل سابقاً (وبالتالي لا يوجد  عاقل يقول ""علمانية بمرجعية إسلامية""ـ)ـ هذه متناقضة منطقية

المهم: مشكلة العلمانية مع الإسلام و اليهودية ، بالمختصر كده، إن اليهودية و  الإسلام، هما شريعتان فيهما تنظيم لشئون الحياة بكل تفاصيلها

بينما في المسيحية الأمر يختلف قليلاً، فورد على لسان المسيح في العهد الجديد:ـ
"مملكتي ليست من هذا العالم"
وورد أيضاً
"دع ما لقيصر لقيصر و ما للرب للرب"
فالمسيح لم يتحدث لأتباعه عن أحكام الزواج و الطلاق بالتفصيل، لم يتحدث عن  الميراث ، أو أصول التعاملات المالية، أو العلاقات مع الآخر ، أو حتى تفصيل  الصلوات و الصيام، فترك أمور الحياة لما ورد في العهد القديم
"ولا تظنوا إنى جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل"،
وإهتم بالجانب الروحي الذي كان غائباً بين بني إسرائيل
...
والمقولة الشهيرة التي يرددها المصريون
"الدين لله و الوطن للجميع"
تتماشى مع المفهوم المسيحي
...
لن أتطرق للوضع بالنسبة لليهودية التي يوجد فيها الكثير من أوجه الشبه مع الإسلام من حيث تعدد الزوجات و تحريم الخنزير و ذبح الحيوانات و حتى الحجاب بالنسبة للنساء، وبالمناسبة: الحجاب واجب على المرأة في المسيحية!!،ـ، ويكفي الإشارة فقط إلى إصرار الحكومة الإسرائيلية على إعتراف الفلسطنيين "بيهودية" إسرائيل، لنعرف العلاقة بين اليهود المتدينيين و العلمانية
...
بالنسبة للإسلام، فالتشريع الإسلامي يمثل إشكالية مع المفهوم العلماني، سواء العلمانية الجزئية أو الشاملة
فالإسلام كشريعة جاءت لتنظيم شئون حياة الإنسان قبل ميلاده، إلى ما بعد وفاته!ـ
فهناك قواعد إختيار شريك الحياة ، حتى يأتي الأبناء في ظل أسرة صالحة
هناك حقوق للجنين "فقه الجنين"ـ
وتمتد مظلة التشريع الإسلامي لتغطي حياة الفرد في علاقته مع الآخر سواء كان من الأسرة، أو الجيران أو الحاكم أو الآخر الديني ، أو حتى أعداءه وقت الحرب!ـ
دين ينظم معاملاته المادية،ـ
وعلاقات الدول مع بعضها البعض في السلم و الحرب
والعلاقة بين الفرد و نفسه
و علاقته بالخالق
و لاينتهي الهدي الإسلامي بموت الإنسان، بل كفل له ما ينفعه بعد الموت (إذا مات إبن آدم إنقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)ـ

الخلاصة، أنه لا يمكن "فصل" الدين عن شئون الحياة في الإسلام، لأن الإسلام حاضر في كل لحظة من حياتنا، من أبسط هذه اللحظات و أشدها خصوصية (العلاقة الحميمية، الإستحمام،،، الخ)، حتى أعقدها و أكثرها تشابكاً (الحروب بين الدول و المعاهدات الدولية)ـ

هذا لا يعني بالطبع "جمود" الحياة و الحجر على التفكير، فالإسلام كمنهج يضع قواعد عامة و مقاصد للشريعة، ولا تجد أحكام قطعية إلا نادراًّ، و الأصل هو الأحكام  العامة التي تتسع للكثير من الإجتهادات و إسقاط الواقع فيما يعرف بـ "فقه الواقع" وأوضح دليل على ذلك تعدد المدارس الفقهية على مر التاريخ الإسلا مي

ولم يحدث على مر 1400 سنة أن طرأت مسألة في أي بلد، لم يكن لها إشارة من قريب أو بعيد في المرجعية الإسلامية
والقول بصلاحية الإسلام لكل زمان و مكان، يعني "مرونة" التشريع الإسلامي لكل زمان و مكان ، مرونة بلا إنفلات أو جمود

وهو أمر نعرفه كأطباء فيما يعرف بأصول الطب
Fundamentals
فمع تعدد المدارس في الجراحة أو الباطنة، ولكن هناك أصول طبية لا يختلف عليها الأطباء بإختلاف مدارسهم

دليل تاريخي على سعة الشريعة الإسلامية هو وصول الدولة الإسلامية لأندونيسيا شرقاَ، حتى الأندلس غرباً، ومرونتها في التعامل مع هذا الطيف البشري الواسع من عرب و عجم، مسلمين و أهل كتاب، أو حتى مجوس (أبو لؤلؤة المجوسي الذي قتل سيدنا عمر بن الخطاب، كان يعيش في المدينة و آمن على نفسه!!ـ)

برجاء البحث في جوجل على العصر الذهبي لليهود، لتعرف كيف قدّم هذا الدين نموذج عملي للتعايش مع الآخر

وأدعو من عنده شك في ذلك أن يقارن -بكل أمانة- تاريخياً بين
(1)
  حكم المسلمون أسبانيا (الأندلس) 800 سنة، ولم يحدث إضطهاد للمسيحين أو اليهود، ولم تهدم كنائسهم أو تمنع صلاواتهم
ثم ما الذي حدث بعد دخول فيرناندو وإيزابيلا؟
قتل للمسلمين و اليهود، محاكم تفتيش، هدم للمساجد
هل نجد اليوم في أسبانيا أي مظهر إسلامي؟؟

كم نسبة المسلمين الأسبان أصلاً في اسبانيا؟

(2)
عاش المسيحييون في مصر 600 سنة قبل دخول الإسلام،ـ
ما الذي حدث ؟
لو كان تعامل المسلمين مع أقباط مصر، كتعامل نصارى أوروبا مع أهل الأندلس (مسلمين و يهود)، لم تكن مصر اليوم كما نعرفها!ـ
فالقول عن إضطهاد للمسيحيين في مصر ، إضطهاد منظم على مدار 1400 سنة، هو قول لا معنى له عقلاً أو حتى تاريخياً!!ـ
فهل كانت تعجز الدولة الإسلامية في عز قوتها ، أن تبيد أي أقلية دينية؟ كما فعل الأوروبيون مع الهنود الحمر في أمريكا؟

أو سكان أستراليا الأصليين؟؟

==========================

نرجع لمقولة " الدين لله و الوطن الجميع "، هل تتعارض مع الإسلام؟
قبل الإجابة، لابد أن نتصور ونعرف المقصود بهذه الجملة قبل الحكم عليها،، و أترك لك عزيزي القارئ فهم هذه العبارة، ولكن أدعوك لمقاربة هذا الفهم مع الآيات القرآنية التالية:ـ

قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين

وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم

فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما

وللذين يقولون بأن نأخذ من الدين ما ينظم العلاقة بين الفرد و خالقه، ولكننا كبشر ننظم علاقاتنا مع بعض وفقاً لقوانينا و الإسلام لا يتعارض مع ذلك، فله أن يقرأ هذا الآيه:ـ

أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تفعلون

لاحظ أن الله سبحانه و تعالى قال على من "يرفض" بعض الآيات بقوله " تكفرون

وقال أيضاً:ـ

إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا * أولئك هم الكافرون حقا واعتدنا للكافرين عذاباً مهينا

لم و لن أفسر هذه الآيات، ولكن أدعو القارئ -إذا كان الأمر يعنيه - إلى البحث بنفسه عن تفسير هذه الآيات، وأن يحكم بعقله، ويجيب على هذا السؤال:ـ

هل هناك تعارض بين العلمانية بمفهومها الغربي، و الإسلام كما ورد في القرآن و صحيح السنة؟؟


قال مؤرخ الحضارة والفلسفة «ول ديورانت» فى كتابه «مباهج الفلسفة»، معلقا على الألوهية عند أرسطو:

«يا لإله أرسطو من إله مسكين، إنه كملك الإنجليز يملك ولا يحكم» أما إله المسلمين فهو يعلم كل شىء، ويملك كل شىء، ويدبر كل أمر، «وأما قيصر وما لقيصر فهو كله لله الواحد القهار
ففي المفهوم الإسلامي الدين و الوطن و الحاكم و المحكوم لله رب العالمين، بمفهوم العبودية و التسليم المطلق لما يريده الله سبحانه و تعالى، هذا إن إرتضيته كإله!،ـ

أما أن أختار ما يعجبني من أحكام ، و أترك الآخر، فهذا ما سمّاه القرآن "كفر" كما ورد سابقاً.ـ
لا أقول بأن العلمانية كفر!، ولكن قل لي ماذا تقصد بهذا المصطلح، أسألك وماذا ستفعل في آيات القرآن الكريم التي قد يكون لها حكم آخر؟؟
أما أن يخرج علينا أحد و يقول أن الإسلام لا يتعارض -في المطلق -مع العلمانية فهو كمن يقول أن أسس الطب التقليدي لا تتعارض مع العلاج بالأعشاب، أو السحر أو تسخير الجن، ولا تعترض عليّ فهذه حرية رأي؟!!؟!ـ
=====================
وهذا يدفعنا دفعاً للحديث عن "التكفير"، و يمكن تلخيص موضوع " الإيمان و الكفر"  بما يلي:ـ

نحن كمسلمين لا نكفر أفراداً ، بل نكفر أفكاراً
فالقائل بإباحة الخمر طالما أنه لن يفقد وعيه، أو بإباحة الزنا طالما أنه لن يتسبب في حدوث حمل وبالتالي لا يوجد إختلاط أنساب،،، هذا القول هو كفر بتعاليم الإسلام،، ولكن تكفير قائله ليست مهمتنا كمسلمين عاديين،، هو مهمة الحاكم أو القاضي، فعليه أن يتأكد من فهم القائل لمعنى الإسلام كدين، و معنى الزنا أو الخمر، وما هو مفهومه عن الإباحة، وظروف التحريم، وحجية الشريعة،، الخ
لاحظوا أن الخلاف الذي نشأ في الثمانينيات حول حكم فوائد البنوك، لم يكن على إباحة الربا!!، فالربا بإتفاق الفقهاء على مر العصور حرام شرعاً، ولكن الحلاف كان على تعريف مصطلح الربا، في مقابل فوائد البنوك، وهل هما شئ واحد، فتكون حراماً، أم يختلفان، وهنا يكون الإجتهاد؟؟
وموضوع الإجتهاد، ومن له حق الإجتهاد، ده موضوع كبير، ممكن نتكلم فيه بعدين.ـ

لكن المهم التأكيد على الفرق بين تكفير الأفكار و تكفير الأفراد!ـ
وبالبلدي كده ، نفكر في المثال ده:ـ
حصلت حرب بينا و بين إسرائيل ، وإنت عرفت و إتأكدت إن زميلك في العمل بيبعت مراسلات لإسرائيل، بيقولهم على أخبار الناس في الشارع ورأيهم في اللي بيحصل، والحرب، والأسعار، و المظاهرات، وبيقولهم أخبار عن شغله بالتفصيل،،، مفروض تعمل إيه؟؟
هل دي حرية رأي و تعبير بمعنى أنه حر يسيب إيمانه بمصر و يؤمن بولاءه لإسرائيل؟؟
الأول قبل ما نختلف: هل هذا الفعل -بصرف النظر عن فاعله- صحيح أم خطأ،، بمعنى قانوني: هل دي خيانة للوطن "= كفر في المقابل الشرعي"، لأنها تهمة (التخابر مع العدو في زمن الحرب) لو ثبتت ستكون عقوبتها إزهاق الروح على أقصى تقدير

يبقى هننكر هذا الفعل ، لكن إسقاطه على شخص معين، ليست مهمتنا، بل مهمة السلطات،، يبقى نبلغ عنه،، وهم اللي يتأكدوا، لأنه ممكن جداً، يطلع زميلك ده شغّال مع المخابرات أساساً، وكل المراسلات دي بمعرفة جهاز المخابرات العامة!!ـ

بالنسبة للمفهوم الديني بتاع الكفر و الإيمان
فتعبير الإيمان و الكفر ليس فيه ما يستفز أحد!ـ
أنا مؤمن و كافر في نفس الوقت،، كل إنسان على هذه الأرض هو مؤمن و كافر في نفس الوقت
مؤمن بعقيدة، وكافر بما سواها
فالمسلم مؤمن بالإسلام وكافر بأي دين آخر
والمسيحي أيضاً مؤمن بالمسيحية، وكافر بأي دين آخر
حتى الملحد، مؤمن بعدم وجود إله، وكافر بأي إله!ـ
و لا يجتمع الإيمان بالشئ و نقيضه في نفس الوقت،، هذا قانون معروف في المنطق!ـ
و لايوجد دين أو عقيدة تؤمن بالعالم الآخر، تقول بأن أتباع غيرها من العقائد سيدخلون الجنة!!ـ

لكن إيه لازمة سؤال البعض ممن يسمون أنفسهم بالمفكرين (ومافيش علاقة بينهم وبين أي فكر)، عن : هل الإسلام بينظر للمسيحيين ككفار و لا لأ؟؟
هو الصراحة، السؤال ده مالوش أي لازمة في الحياة العامة، إلا إذا كان المقصود به حاجة من إتنين:ـ
التوجه به لمن يطلقون على أنفسهم بالمتنورين، وبالتالي هيقولوا إجابة لا أصل لها في الشرع، عشان يرضوا الطرف اللي بيسأل
أو يتم التوجه به لمرجعية إسلامية، وبالتالي هيقول الإجابة اللي بيقولها القرآن ، وبعدين اللي سأل السؤال يصرخ و يقول : إلحقوا بيكفرونا!!!ـ
وبعدين؟؟
السؤال الصح للي عايز يبني البلد ، مش يهدّها، يبقى: دينك بيقول لك تعاملني إزاي؟
تعاملني إزاي في الدنيا اللي إحنا عايشنها دي؟؟

لكن السؤال بتاع : دينك شايفني إيه؟، إيه الهدف منه؟
إنت كافر بالنسبة لي، وأنا كافر بالنسبة لك،، دي مسألة هنعرف إجابتها في الآخرة، يطلع حد فينا صح و التاني غلط، أو إحنا الإتنين غلط و غيرنا صح!!ـ
أو مافيش حد صح، ومافيش آخره من أساسه!!ـ هنعرفه ساعتها

، المهم هو: كونك كافر بالنسبة لي و أنا كافر بالنسبة لك، إيه تبعاته على حدود العلاقة بيننا؟؟

لكن لو مصمم يسأل عشان فاكر إنك هيحرجني،، ماشي، ممكن أرد عليه بسؤال: وإنت دينك شايفني إيه؟
بلاش دي، جاوب على السؤال ده، دينك بيقول إيه عن سيدنا محمد؟؟
ولا تعتقد عزيزي القارئ أن المشكلة بين الإسلام و المسيحية،،ـ
فأنا لا أتصور أن يسأل مسيحي عاقل يعيش في مجتمع غربي، أن يسأل في الإعلام وعلى الملأ هذا السؤال:ـ
ما هو قول اليهود في السيد المسيح، و العذراء مريم؟؟
إذا سأل هذا السؤال، فعواقب الإجابة لن تكون في صالح أي طرف!!ـ 

أنا مش عايز أعرف إجابة أي سؤال لأني عارفها!!ـ لكن حبيت أوضح بشكل صريح إن لو البعض من مثيري الفتنة فتحوا الباب لأسئلة و مواضيع لا مجال للخوض فيها في العام،، مواضيع مجالها هو الخاص، وللخاصة و لمن يريد البحث فيها،،مواضيع لا فائدة للمجتمع من البحث فيها ،،ـ
لو الباب ده إتفتح، هيفتح أبواب تانية من هنا و من هناك،ومش هنخلص

يبقى اللي عايز يعمل فتنة، يسأل الأسئلة الغلط
والل عايز يبني البلد، يسال أسئلة التعايش، ـ
أسئلة العقيدة، لا تكون على العام،،، مازال الطريق أمامنا طويلاً حتى نصل لهذا الترف و الرقي الفكري!ـ


وأخيرً : أنا كمسلم ، ممكن أقول إن
أنا كافر و الحمد لله!ـ
كافر بأي دين غير الإسلام

د. أحمد جلال

هناك 6 تعليقات:

  1.  الاسلام لايجعلنانكفر الديانات الاخرى 
    بل نعترف بها.ونؤمن بوجودها ولانعمل بها
    لان كثيرا منها حرفت. ام القران تعهد الله بحفظه 
    الى قيام الساعه وكل نبي كان مرسل لقومه
    فقط / واما محمد صل الله عليه وسلم ارسل
    ارسل لكافة الناس فاالاسلام خاتمة الرسلات السماويه.

    ردحذف
  2. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  3. وأما قولك أنك مسلم .. ولكنك كافروالحمدلله..( كافر بأي دين غير الاسلام)
    فأقول لك ( الحمد لله الذي لايحمد على مكرؤهن سواه)
    فمن أمن ببعض من القران وكفر ببعض منه فقد كفر .. وتوعد الله فاعله بالعذاب الشديد..
    قال تعالى .. في سورة البقره .. أيه (٨٥)
    ( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرؤن ببعض فماجزاء من يفعل ذلك منكم ألا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون ألى أشد العذاب ِ
    وماالله بغافل ٍ عما تعملون )
    ... فهدك الله للحق ان كنت لاتعلم ..
    .. وأن كنت تعلم وتريد الفتنه .. فاأخذك الله أخذ عزيز مقتدر..

    ردحذف
    الردود
    1. يبدو أن ما قلته لم يكن واضحاً لك يا شوق!
      الكفر والإيمان وجهان لعملة واحدة، لا يمكن أن تكوني مؤمنة بشئ وكافرة به في نفس الوقت!
      وكذلك، إيمانك بالشئ، يستلزم بالضرورة كفرك بنقيضه!
      إقرأي قوله تعالى في سورة غافر، الآية 84
      " فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ " ...... "وكفرنا"!!

      وقوله تعالى في سورة الممتحنة، الآية 4:
      "قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ"......."كفرنا بكم"...
      ويمكن مشاهدة هذا المقطع للمهندس فاضل سليمان، مدير مؤسسة جسور للتعريف بالإسلام عن "التكفير والكفار"
      https://www.youtube.com/watch?v=nkKe__-8cjU

      حذف
  4. السلام عليكم دكتور

    كلامك جميل

    هل لك موقع في الفيس بوك أو تويتر؟!

    ردحذف
    الردود
    1. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      شكراً لتعليقك اخي أحمد
      نعم لدي صفحة على الفيسبوك ، وتويتر
      الفيسبوك
      http://www.facebook.com/profile.php?id=811810402

      تويتر
      https://twitter.com/agfoad

      حذف