الاثنين، 3 سبتمبر 2012

مقالات في الإلحــــــاد ... اللقاء الأول : تعريفات

 مقالات في الإلحــــــاد ... اللقاء الأول : تعريفات

 

بسم الله الرحمن الرحيم

قبل أن تبدأ،
هذه سلسلة مقالات عن الإلحاد، ليس الهدف منها الهجوم على الملحدين، كما أني لست واعظاً لأحاول إستمالة القارئ ملحداً كان أو غير ذلك، إلى الإسلام...
الهدف من وراء هذه السلسلة هو عرض وجهة نظر الملاحدة، ودراسة الأسباب التي دفعت إنساناً ما للإلحاد، ومحاولة تحليل هذه الأسباب والرد عليها علمياً وعقلياً ومنطقياً وفلسفياً، ولن ألجأ إلى أي نص مقدس أو تفسير ديني.

معظم ما سيرد في هذه السلسلة هو ثمرة كتابات أستاذي الدكتور/ عمرو شريف، و جهود شيخي الدكتور/ محمد العوضي، والمهندس/ فاضل سليمان، بالإضافة إلى محاضرات الدكتور/ عدنان إبراهيم....وسأعرض لجميع المصادر والمراجع في مكانها. فما كان من صواب فمن الله، وما كان من خطأ فمن سوء فهمي!


اللقاء الأول : تعريفات

في البداية سأوضح تعريفات لكثير من المصطلحات والمفاهيم والقوانين التي سترد في هذه السلسلة، لا تشغل بالك بفهم كل مصطلح الآن، فيمكن إعتبار هذا الفصل "قاموس" تعود إليه عند الحاجة، وسأحاول تبسيط هذه التعريفات قدر الإمكان، كما سيرد ذكرها – مع غيرها – بالتفصيل في الحلقات القادمة.
أكرر مرة أخرى، لا تنزعج عزيزي القارئ إذا وجدت بعضاً من هذه المصطلحات غامضاً، فكلٌ سيأتي ذكره بالتفصيل والأمثلة في المقالات القادمة.
 Religion الدين :
مجموعة من العقائد تفسر العلاقة بين البشر والكون، وتجيب عن الأسئلة الغائية.
يقوم البناء الفكري لمعظم الأديان على منظومة تتكون من:
 God إله
قوة خارقة واعية ذكية لها إرادة، خلقت هذا الكون بأشكال الحياة التي فيه.
قيومية الإله:
لم يكتف بالخلق، بل هو يرعى شئون  الكون.
إله يتواصل معنا:
أرسل رسل، بكتب سماوية ومعجزات تعضد عند البشر أنهم مدعومون من السماء، وفي هذه الكتب أحكام وشرائع، وشرح لوسيلة التواصل، كما أن هناك يوم آخر، وفيه نعيم وعذاب.

وعليه، فهناك من أنكر وجود هذا الإله، وهناك من أنكر القيومية، وهناك من أنكر النبوّات.


 Atheismالإلحاد:
مذهب فلسفي يقوم على فكرة عدميّة أساسها إنكار وجود الله أو خالق واعي لهذا الكون.¹
الإلحاد القوي (الإيجابي): الإعتقاد بعدم وجود إله، بناءً على أدلة علمية وفلسفية.
الإلحاد الضعيف (السلبي): إنكار وجود إله لعدم الإقتناع بأدلة المؤمنين على وجوده.
الإلحاد المطلق: إنكار وجود إله.²
الإلحاد النسبي: إنكار تصوّرات معينة للإله، كرفض صورة الإله التي تقدمها الأديان. 

Agnosticism اللاأدرية:
توجه فلسفي يقول أن القيمة الحقيقية للقضايا الدينية أو الغيبية غير محددة ولا يمكن لأحد تحديدها. وأن قضايا وجود الله أو الذات الإلهية بالنسبة لهم موضوع غامض كلية ولا يمكن تحديده في الحياة الطبيعية للإنسان.

 Deism الربوبية:
مذهب فكري لا ديني وفلسفة تؤمن بوجود خالق عظيم خلق الكون وبأن هذه الحقيقة يمكن الوصول إليها باستخدام العقل ومراقبة العالم الطبيعي وحده دون الحاجة إلى أي دين، وبالتالي ينكر أتباع هذا المذهب النبوّات والأديان، ويؤمنون انها صناعة بشرية.

 Theism الألوهية:
العقيدة الخاصة التي تفيد بأن هناك علاقة بين الطبيعة الإلهية وعلاقته بالكون الطبيعي ،وتؤمن بالإله الشخصي وأنه يقوم بتحكيم وتنظيم العالم والكون، وبالتالي تؤمن بالأديان والرسل، وأن معرفتنا بصفات الإله وما يريده منّا تكون عن طريق الوحي.³

  Philosophy الفلسفة:
كلمة مشتقة من اللفظ اليوناني "فيلوسوفيا؛ فيلو= حب – صوفيا = الحكمة" بمعنى محبة الحكمة أو طلب المعرفة.
وللفلسفة ثلاثة مباحث رئيسية:
 Ontologyمبحث الوجود:
يناقش علة الوجود، وهل العالم قديم (= أزلي) أم حادث؟
Epistemologyمبحث المعرفة = نظرية المعرفة:
يناقش مصادر وموضوعات وأهداف المعرفة.
Axiologyمبحث الأخلاق:
يناقش قضايا السلوك والأخلاق.

Logic علم المنطق:
هو فرع من الفلسفة يدرس صور الفكر وطرق الاستدلال السليم.

 Science العلم:
 كل نوع من المعارف أو التطبيقات. وهو مجموع مسائل وأصول كليّة تدور حول موضوع أو ظاهرة محددة وتعالج بمنهج معين وينتهي إلى النظريات والقوانين.⁴
تعريف آخر للعلم: الاعتقاد الجازم المطابق للواقع وحصول صورة الشيء في العقل.⁵

Anthropic Principle المبدأ الإنساني:
عبارة عن أطروحة تقول بأن الكون حتمي حيث تكون معادلاته وقوانينه الطبيعية مناسبة لظهور أنواع حياة ذكية، حيث أنه لو كانت الجسيمات الأولية مثل الإلكترون و البروتون ليست بصفاتها الموجودة والقوانين التي تحكمها ، لكان من غير الممكن نشأة الحياة على الأرض بما فيها نشأة الإنسان نفسه . والإنسان هو المخلوق الوحيد الذي بمقدوره وصف الكون ومراقبته وتحليله فيزيائياً.

 Scientific Methodالمنهج العلمي:
يقوم على ملاحظة ظاهرة ما، و دراسة العوامل المحيطة بها ومحاولة وضع فرضية مبدأية لتفسير آلية حدوثها ومدى تأثير هذه العوامل، ثم إختبار هذه الفرضية فإن صحت، تصبح نظرية، وننتهي بالخروج بقوانين علمية ورياضية.
 Hypothesisالفرضية:
محاولة مبدأية (ومؤقتة) لوصف ظاهرة ما. والفرضية العلمية يجب أن تكون قابلة للإختبار والتجربة، وأن تكون إمتداداً لفرضيات أو نظريات سابقة.
 Theoryالنظرية:
بناء محكم أو منظومة تصف الظواهر الطبيعية والاجتماعية وتكون مستندة إلى الدليل والشاهد من خلال التجربة. وهي تعبير منظم ومصاغ يبنى على كل الملاحظات السابقة ويمكن استخدامه في التنبؤ بالظواهر، كما يجب أن يكون بناؤها منطقي، وقابل للإختبار والتجربة ولم يسبق أن تم نقضها.
 Scientific Factحقيقة علمية:
معلومة ليست محل جدال علمي.

 Metaphysics علم ما وراء الطبيعة :
وهو العلم الذي يدرس الأسس الأولى أو المبادئ الأولى التي تقوم عليها المعرفة الإنسانية، وهذه الأسس هي أسس أنطولوجية (مفهوم الوجود) وكوزمولوجية (مفهوم الكون) ونفسية ولاهوتية.
ملاحظة: الفيلسوف أرسطو هو واضع أسس هذه العلوم، غير أنه لم يذكر هذا المصطلح أبداً في كتاباته بل أطلق عليها إسم "الفلسفة الأولى"!، ويرجع أصل التسمية إلى تلاميذ أرسطو حيث وجدوا أن الفصول التي تتحدث عن هذه العلوم قد وضعها أرسطو بعد (= وراء) الفصول التي كتبها عن العلوم الطبيعية (= الفيزياء)!ـ

قوانين الفكرالأرسطية (نسبة لأرسطو): ثلاثة قوانين:
1) قانون الهويّة أو الذاتية: الشئ هو نفسه.
2)قانون عدم التناقض: نقيض الشئ هو نفيه، ولا يمكن إجتماعهما معاً.
3) قانون الوسط المرفوع أو الثالث الممتنع: إستناداً إلى القانون الأول والثاني، فالشئ إما أن يكون نفسه أو ليس نفسه.

تعريف المخ Brain:
الجزء الأكبر والأهم من الجهاز العصبي، ويتكون من نصفي كرة، يشغلان تجويف الجمجمة، ويبلغ وزنه في الإنسان البالغ حوالي الـ 1350 جم، وهو ما يشكل 2% من وزن جسم الإنسان.
تعريف العقل: Mind
مصطلح يستعمل لوصف وظائف المخ العليا، ومنها الإدراك، والذكاء، والذاكرة، وافنفعال العاطفي، والجدال، والشعور بالذات، وغيرها.
مراحل الإدراك: قسّمها العلماء لـ 4 مراحل:
1)إدراك حسي (بالحواس الخمس).
2)إدراك خيالي (مقارنة الصور الحسية بتلك المحفوظة في الذاكرة، ومقارنتها ببعضها البعض).ـ
3)إدراك وهمي (الشعور بما يشعر به الآخر نحوه كالحب والكره والعداء).ـ
4)إدراك عقلي (الوظيفة العليا للمخ، وهو نوع من الإدراك يتميز به الإنسان عن سائر الكائنات الحية، وبه يستطيع إدراك القيم المطلقة (الحق والخير والجمال)، وإنتزاع المفاهيم الكليّة من الجزئية، ويعتبر علم المنطق من مظاهر هذا النوع من الإدراك.

 Occam's razor موس أوكام:
يعتمد المبدأ على أن شرح أي ظاهرة يجب أن يقوم على أقل عدد من الفرضيات. يتم ذلك بترك أي فرضية لا تؤثر أو تشرح الظاهرة أو النظرية.

أحوال العقل في الحكم على الأشياء: ثلاثة لا رابع لها.
الشئ إما أن يكون :
1)واجب الوجود
2)ممكن الوجود
3)مستحيل الوجود

أساليب التفكير: هناك نوعان أساسيان:
1)تفكير مغلق: يتبنى العقل فكرة ما، ثم يحاول أن يُخضع الشواهد لها، للوصول إلى الفكرة التي بدأ بها.
2)تفكير مفتوح: يقف العقل إبتداءًعلى الحياد، ويدرس الشواهد، ويضع فرضيات ونطريات، ليصل إلى إستنتاجات، وأفكار يصوغها في قوانين.

 Secularism العلمانية :
الترجمة الصحيحة للمصطلح اللاتيني هي "الدنيوية" أو "اللادينية" بإعتبارها دعوة إلى إقامة الحياة بناءً على العلم الوضعي والعقل البشري، ومراعاة المصلحة بعيداً عن الدين. ⁶، بإعتبار الدين قيمة متجاوزة للبشر(= قيمة فوقية، غيبية، روحية) لا تخضع للعقل. ولا توجد أي علاقة "إصطلاحية أو لغوية" بين العلم والعلمانية، بل العلاقة اللغوية نشأت لوصف العالم المادي المنظور، في مقابل العالم الغيبي (= الدين).
وعليه يمكن إعتبار العلمانية نوع من الإلحاد السياسي.
ويعتقد البعض أن كل الملحدين علمانيون بالضرورة، بينما العكس ليس صحيحاً.

Proof البرهان:
عملية استدلال تهدف إلى تأكيد صدق (أو كذب) قضية ما. والاستدلالات التي يبنى عليها البرهان، والتي تترتب
عليها القضية منطقياً تسمى الحجج.
وفي علم المنطق يُعرّف البرهان بأنه: القياس المؤلف من يقينيات لإنتاج يقيني.
وفي علم الرياضيات، يُعرّف البرهان الرياضي بأنه: عبارة عن إثبات، يستند على بديهيات معينة، لعبارة رياضية أو علاقة رياضية بأنها صحيحية منطقيا حكما في ظل هذه المجموعة من البدهيات.
ويعتبر البرهان الرياضي أكمل أشكال البرهان، وتُعد العلوم الهندسية أقوى العلوم برهاناً، فالبرهان الرياضي أسمى نموذج لليقين تسعى إليه العلوم الطبيعية والإنسانية، ويعتمد البرهان الرياضي على الإستنتاج المحض  Deduction

Induction الإستقراء:
البرهان بالإنتقال من الخاص إلى العام، كما في العلوم الطبيعية، فملاحظة ظاهرة ما، يدفع العلماء إلى البحث للوصول إلى نتيجة وقانون عام يسري على كل الظروف المشابهة، حتى لو لم تتم دراستها كل على حدة.
 فيمكن القول للتبسيط : أن الإستنتاج المحض يسير في إتجاه معاكس للإسقراء

. Axiom البديهية :
هي أي افتراض يكون مقدمة لاستنتاج تصريحات أخرى منطقيا. والبديهيات لا يمكن أن تشتق بمبادئ الاستنتاج، كما لا يمكن اثباتها عن طريق البرهان لأنها مقدمات مفترضة.

  Indication الدلالة:
كون الشيء بحالة إذا علمت بوجوده انتقل ذهنك إلى وجود شيء آخر. (جرس الهاتف يرن، يدل على أن هناك من يتصل).
وتنقسم الدلالة إلى أقسام ثلاثة:
1) الدلالة العقلية: هي الدلالة التي تنشأ من الملازمة بين الشيئين ملازمةً كضوء الصبح الدال على طلوع الشمس. وتتميَّز هذه الدلالة: بأنَّها لا تختلف باختلاف الأشخاص والأمصار، فهي تحصل لأيِّ إنسانٍ مهما كان سواء العالم أو الجاهل، القروي أو الحضري.
2) الدلالة الطبعيّة: وهي فيما إذا كانت الملازمة بين الشيئين ملازمة طبعيَّة أي يقتضيها طَبْعُ الإنسان، وقد يختلف حسب طباع الناس..
3) الدلالة الوَضعية: هي فيما إذا كانت الملازمة بين شيئين ناشئة من التواضع والاصطلاح، وذلك باتفاق جماعة على وضع شيء لشيء. ⁷

================================================

ونبدأ في المقال القادم في التعرض لموضوع السلسلة، وأقترح على حضراتكم أن تكون الأبواب بالترتيب التالي:
  1. تعريف الإلحاد، ونشأته.
  2. أركان الفكر الإلحادي.
  3. معضلة الشر.
  4. خلق الكون، هل وجود الإله ضرورة؟
  5. خلق الحياة، هل وجود الإله ضرورة؟
  6. خلق الإنسان، خاص ومباشر، أم تطوري؟
  7. هل تطور العقل البشري؟ متى صار المخ عقلاً؟
برجاء ملاحظة أني لن ألجأ إلى أي دليل من أي كتاب مقدس كما أسلفت، فعند الحوار مع أي إنسان، على جميع الأطراف المشاركة في الحوار، أن تتفق على مرجعياتهم المشتركة، فما هو مقدس عندي وملزم قد لا يكون كذلك عندك!، وعليه فسنستخدم لغة العلم والمنطق، وأحياناً الفلسفة.
......
ويسعدني تقبل إقتراحاتكم، بإضافة أبواب أو حذفها، أو إعادة ترتيبها، ولكم جزيل الشكر.

د. أحمد جلال
==============================================
المراجع:
  1. الموسوعة المفصلة في الفرق والأديان والملل والنحل والحركات القديمة والمعاصرة، إعداد مكتب التبيان للدراسات العربية وتحقيق التراث – دار إبن الجوزي، القاهرة. الجزء الثاني، صـ 895
  2. المحاضرة الثانية للدكتور/ عدنان إبراهيم، في سلسلة مطرقة البرهان وزجاج الإلحاد. https://www.youtube.com/watch?v=Q4-qU6wLaLU
  3. English Deism: Its Roots and Its Fruits. By: John Orr., 1934
  4. المعجم الوجيز، مادة "علم" صـ 432
  5. كتاب التعريفات للجرجاني، صـ 155
  6. الموسوعة المفصلة في الفرق والأديان والملل والنحل والحركات القديمة والمعاصرة، إعداد مكتب التبيان للدراسات العربية وتحقيق التراث – دار إبن الجوزي، القاهرة. الجزء الثاني، صـ 839
  7. دروس في علم المنطق للشيخ إبراهيم الأنصاري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق